الدور الاقتصادي لمادة الذهب

أول دينار إسلامي ذهبي يعود إلى عهد عبد الملك بن مروان.
استخدم الذهب منذ القدم في التعاملات المالية؛[121] وذلك لشراء البضائع اعتماداً على مبدأ نظام المقايضة أو لاكتناز الثروات كما هو الحال في الدفائن مثلاً. كانت دور سكّ العملة هي المسؤولة عن إصدار قطع النقد والسبائك الذهبية ذات وزن وعيار محدد. تشير بعض المراجع أنّ أوّل قطعة نقدٍ ذهبية سكّت في ليديا في آسيا الصغرى حوالي 600 سنة قبل الميلاد.[20] كان المسلمون يتداولون نقوداً يسكّها الروم البيزنطيون في صدر الدولة الإسلامية، أمّا أوّل دينار إسلامي ذهبي سُكّ في دولة الخلافة فكان بأمرٍ من عبد الملك بن مروان في عصرالدولة الاموية،[ْ 8] واستمرّ يُسك من قبل كلّ خليفة حتى انتهى مع سقوط الخلافة العثمانية. كان سكّ الفضّة على شكل نقودٍ مفضّلاً في أوروبّا في القرون الأولى للميلاد، ثم أعيد استخدام الذهب في سكّ النقود في فترة القرنين الثالث عشر والرابع عشر للميلاد.[122] اعتمد تداول النقد في الدول الصناعية في أوروبا في القرن التاسع عشر على الغطاء الذهبي، وفي أوائل القرن العشرين وقبل الحرب العالمية الأولى انتقلت الأمم المتحاربة إلى غطاء "كسري أو جزئي" للذهب، ممّا أدّى إلى تضخّم العملات وذلك من أجل تمويل المجهودات الحربية. في فترة ما بين الحربين العالميتين قامت الدول المنتصرة بمحاولة استرداد قيمة الذهب، إلّا أنّها لم تفلح في ذلك، إذ سرعان ما تكرّر الأمر للتحضير للحرب العالمية الثانية، وبعدها بدأ الاعتماد على نظام مالي للعملات قابل للتحويل اعتماداً على سعر صرف وفقاً لنظام بريتون وودز. إلّا أنّه في سنة 1971 استغنت الحكومات العالمية عن نظامي الغطاء الذهبي وقابلية تحويل العملات إلى ذهب، إبّان رفض الولايات المتحدة ربط الدولار الأمريكي بالذهب،[ْ 9] وبذلك نشأ مبدأ النقد الإلزامي وترسّخ في الاقتصادات العالمية. كانت سويسرا آخر دولة عملتها مربوطة بالذهب؛ وقامت بدعم 40٪ من قيمة الفرنك السويسري، إلى أنّ انضمّت سويسرا إلى صندوق النقد الدولي في سنة 1999.[123] لا تزال بعض البنوك المركزية مستمرّة في الاحتفاظ بجزء من الاحتياطات المسيّلة على شكل ذهب بإحدى أشكاله؛ ففي الولايات المتحدة يخزّن احتياطي الذهب بشكل رئيسي في البنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك،[124] وكذلك في مبنى خزانة سبائك الإيداع الأمريكية في فورت نوكس.
يقاس وزن الذهب كما هو الحال مع باقي الفلزّات النفيسة بالأونصة (أونصة تروي) أو بالغرام، أمّا درجة نقاوة الذهب في السبائك فتقاس بالقيراط، بحيث أنّ الذهب الخالص له عيار 24 قيراط.[125] كانت النقود الذهبية البريطانية المتداولة منذ سنة 1526 إلى ثلاثينيات القرن العشرين من عيار 22 قيراط، وكانت تسمّى "الذهب التاجي"،[126] أمّا في الولايات المتّحدة فكانت النقود الذهبية منذ سنة 1837 من عيار 21.6 قيراط لجعل النقود أكثر صلابة.[127]
على الرغم من أسعار بعض الفلزّات في مجموعة البلاتين قد تكون أغلى ثمناً، إلّا أنّ الذهب يعتبر مرغوباً أكثر من باقي الفلزّات النفيسة. يحتفظ بالذهب على هيئة نقود أو سبائك كمدّخرات ذات قيمة في أوقات التضخّم الاقتصادي أو أيّةاضطرابات اقتصادية أخرى. تسكّ بعض الدول لعملاتها قطعاً نقدية من السبائك النفيسة، من بينها النقود الذهبية، وهي إمّا أن تكون من عيار 22 قيراط كما هو الحال في الإيغل الأمريكي الذهبي أو السوفرن البريطاني وكذلك كروغرراندالجنوب أفريقي؛[128] أو أن تكون من الذهب الخالص (24 قيراط) كما هو الحال مع عملة مابل ليف الكندية الذهبية، وهي ذات درجة نقاوة (99.99%) في الإصدار العام، وهناك إصدار خاصّ تصل النقاوة فيه إلى 99.999 %، وهو الأعلى بين السبائك النقدية المتداولة. من السبائك النقدية المصنوعة من الذهب الخالص أيضاً كل من نقود البوفالو الأمريكي والباندا الصيني الذهبي، بالإضافة إلى الناغيت الذهبي الأسترالي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

برنامج المخازن