الطبّ و الذهب
إن استخدام الذهب ومركّباته لأغراض طبّية كان معروفاً منذ الزمن القديم،[149][150] حيث وصف ديسقوريدوس استخدامه الطبّي في كتبه.[151][152] أمّا في القرون الوسطى فكان ينظر للذهب أنه مفيد للصحّة، حتّى أنّ التعاليم الباطنية الحديثة أعطت الذهب قوّة شفائية. في القرن التاسع عشر كان الذهب يستخدم لمحاولة معالجة الاضطرابات العصبية، مثل الاكتئابوالصرع والشقيقة، بالإضافة إلى مشاكل الغدد مثل انقطاع الحيض والضعف الجنسي؛ كما جرت المحاولات لاستخدامه في معالجة الكحولية.[153] كان التناقض بين كون الذهب من الفلزّات النبيلة النفيسة وبين السمّيّة الفعلية له غير معروف لفترة طويلة من الزمن، ممّا أدّى إلى حدوث فجوة في فهم الأثر الحقيقي للذهب فيزيولوجياً.[154]
تستخدم سبائك الذهب في طبّ الأسنان للترميم وبناء الجسور والتيجان، إلّا أنّ شيوع فكرة الأسنان الذهبية آخذة في التضاؤل. من المعروف حالياً أنّ أملاح الذهب وكذلك نظائره المشعّة هي التي لديها أهمية علاجية، إذ أنّ الذهب الفلزّي بشكله الحرّ خامل ولا يتفاعل داخل الجسم. لبعض أملاح الذهب خواص مضادة للالتهاب، إذ استخدم في السابق أوروثيو الغلوكوزلمعالجة الالتهابات المفصلية، وحتى الوقت الحالي هناك مستحضران دوائيان يستخدمان لمعالجة التهاب المفاصل الروماتويدي وحالات مشابهة في الولايات المتّحدة وهما أوروثيومالات الصوديوم وأورانوفين.[155] إلّا أنّ التأثيرات الجانبية لأملاح الذهب المنحلّة، إضافةً إلى سعرها المرتفع أدّى إلى الحصول على بدائل لمعالجة تلك الأنواع من الأمراض.
يضاف الذهب أو سبائكه مع البالاديوم على هيئة كسوة ناقلة (موصلة للتيار) إلى العيّنات الحيوية وإلى المواد الأخرى غير الناقلة مثل اللدائن أو الزجاج عند إظهارها في المجهر الإلكتروني الماسح. تضاف الطبقة الكاسية بواسطة الرشّ المهبطي ببلازما الآرغون؛ ولتلك الطبقة وظيفة أساسية، وهي التخفيف والتقليل من شدّة الإلكترونات في الحزمة الإلكترونية، وذلك بسبب الناقلية المرتفعة للذهب، ممّا يؤدّي إلى رفع الاستبانة الزاوية من أجل إظهار أفضل للصورة في المجهر الإلكتروني؛ بالإضافة إلى ذلك فإنّ الذهب يعدّ مصدراً للإلكترونات الثانوية.[156]
لمستحضرات الذهب الغرواني تطبيقات في مجال الأبحاث الطبّية. يستحصل على الذهب الغرواني على شكل معلّق أحمر اللون من الجسيمات النانوية في الماء من عملية اختزال مضبوطة لكلوريد الذهب بأيونات السترات أو الأسكوربات. تستغلّ مقدرة جسيمات الذهب على امتصاص جزيئات البروتين على سطحها في تقنية التوسيم المناعي بالذهب، حيث يمكن استخدام جسيمات الذهب الغرواني المكسوّة بالأجسام المضادّة في تحديد أماكن وجود المستضدّات على سطح الخلايا؛[157] إذ عند أخذ رقاقة رفيعة جدّاً من النسيج الحيوي تظهر المناطق الموسومة بالذهب بالمجهر الإلكتروني على هيئة بقعٍ داكنة اللون في أماكن المستضدّات.[158] تستخدم جسيمات الذهب النانوية أيضاً كمادّة خاملة حاملة للجسيمات الحيوية،[159] وذلك في جهاز المدفع الجيني مثلاً.
لنظير الذهب المشعّ ذهب-198 عمر نصف مقداره 2.7 يوم، وهو يستخدم في الطبّ النووي في تشخيص بعض أنواع السرطان؛[160][161] بالإضافة إلى ذلك، تستخدم بعض معقّدات الذهب في تركيب عقاقير العلاج الكيميائي.[162]
تعليقات
إرسال تعليق